Sunday, April 15, 2012

عقد القادر بالله مجلسا وأبرز إليهم أبيات الشريف الرضي التي أولها ما مقامي على الهوان وعندي





روى المقريزى قال


أن القادر بالله عقد مجلسا أحضر فيه الطاهر أبا أحمد الحسين ابن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق، وابنه أبو القاسم عليا المرتضى، وجماعة من القضاة والشهود والفقهاء، وأبرز إليهم أبيات الشريف الرضي أبي الحسن محمد بن أحمد الحسين التي أولها:

ما مقامي على الهوان وعندي ... مقولٌ صارمٌ، وأنفٌ حميّ
وإباءٌ محلّقٌ بي عن الضيم، ... كما راغ طائرٌ وحشيّ
أيّ عذر له إلى المجد إن ذلّ ... غلامٌ في غمده المشرفيّ
أحمل الضيم في بلاد الأعادي، ... وبمصر الخليفة العلويّ
من أبوه أبي، ومولاه مولا ... ي، إذا ضامني البعيد القصيّ
لفّ عرقي بعرقه سيدا النا ... س جميعا: محمدٌ وعليّ
إنّ جوعي بذلك الربع شبعٌ ... وأُوامي بذلك الظلّ ريّ
مثل من يركب الظلام وقد أس ... رى ومن خلفه هلالٌ مضيّ

وقال الحاجب للنقيب أبي أحمد: قل لولدك محمد: أي هوان قد أقام فيه عندنا ؟ وأي ضيم لقي من جهتنا ؟ وأي ذلك أصابه في مملكتنا ؟ وما الذي يعمل معه صاحب مصر لو مضى إليه ؟ أكان يصنع إليه أكثر من صنيعنا؟ ألم نوله النقابة ؟ ألم نوله المظالم ؟ ألم نستخلفه على الحرمين والحجاز وجعلناه أمير الحجيج ؟ فهل كان يحصل له من صاحب مصر أكثر من هذا ؟ ما نظنه كان يكون لو حصل عنده إلا واحدا من أبناء الطالبيين بمصر.
فقال النقيب أبو أحمد: أما هذا الشعر فمما لم نسمعه منه، ولا رأيناه بخطه، ولا يبعد أن يكون بعض أعدائه نحله إياه، وعزاه إليه.
فقال القادر: إن كان كذلك فليكتب الآن محضر يتضمن القدح في أنساب ولاة مصر، ويكتب محمد خطه فيه.
فكتب محضر بذلك، شهد فيه جميع من حضر المجلس، منهم: النقيب أبو أحمد، وابنه المرتضى.
وحمل المحضر إلى الرضى ليكتب فيه خطه، حمله أبوه وأخوه، فامتنع، وقال: لا أكتب، وأخاف دعاة صاحب مصر.
وأنكر الشعر، وكتب بخطه أنه ليس بشعره، ولا يعرفه؛ فأجبره أبوه على أن يسطر خطه في المحضر، فلم يفعل، وقال: أخاف دعاة المصريين وغلبتهم، فإنهم معروفون بذلك.
فقال أبوه: يا عجبا ! أتخاف من بينك وبينه ستمائة فرسخ، ولا تخاف من بينك وبينه مائة ذراع ؟
وحلف أن لا يكلمه، وكذلك المرتضى، فعلا ذلك تقية وخوفا من القادر، وتسكينا له.
فلما انتهى الأمر إلى القادر سكت على سوء أضمره له، وبعد ذلك بأيام صرفه عن النقابة، وولاها محمد بن عمر النهرسابسي.
المصدر: اتعاظ الحنفاء للمقريزى 


No comments:

Post a Comment

  • Read this blog in another language